قوله جلّ ذكره: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}.أقسم بالتين لما به من عظيم المِنَّةِ على الخَلْقِ حيث لم يجعل فيه النَّوى، وخَلَّصَه من شائب التنغيص، وجعله على مقدار اللُّقْمة لتكمل به اللذََّة. وجعل في {الزيتون} من المنافع مثل الاستصباح والتأدُّم والاصطباغ به.{وَطُورِ سِينينَ}.الجبل الذي كَلَّمَ الله موسى عليه. ولموضعِ قَدَمِ الأحباب حُرْمةٌ.{وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}.يعني: مكة، ولهذا البلد شرف كبير، فهي بلدُ الحبيب، وفيها البيت؛ ولبيتِ الحبيبِ وبَلَدِ الحبيبِ قَدْرٌ ومنزلة.قوله جلّ ذكره: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمِ}.في اعتدال قامتِه، وحُسْنِ تركيب أعضائه. هذا يدل على أنَّ الحقَّ- سبحانه- ليس له صورة ولا هيئة؛ لأن كلَّ صفةٍ اشتراك فيها الخَلْقُ والحقُّ فالمبالغةُ للحقِّ.. كالعلم، فالأعلمُ اللَّهُ، والقدرة: فالأقدَرُ اللَّهُ فلو اشترك الخَلْقُ والخالقُ في التركيب والصورة لكانَ الأحسن في الصورة اللَّهُ..... فلمَّا قال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. عُلِمَ أَنَّ الحقَّ- سبحانه- مُنَزَّةٌ عن التقويم وعن الصورة.قوله جلّ ذكره: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}.أي: إلى أراذل العمر وهو حال الخَرَفِ والهَرَم.ويقال: {أَسْفَلَ سَافِلِينَ}: إلى النار والهاوية في أقبح صورة؛ فيكون أوَّلُ الآيةِ عامّاً وآخرها خاصًّا بالكفَّار.. كما أنَّ التأويلَ الأولَ- الذي هو حال الهَرَم- خاصُّ في البعض؛ إذ ليس كلُّ الناسِ يبلغون حالَ الهَرَم.